بينما كنت في إحدى الزيارات لتأدية واجب اجتماعي برفقة بعض من الإخوة الأعزاء، دار بيننا حوار مثير حول مفهوم الذكاء الاجتماعي وكيفية تطبيقه وطبيعته؛ هل يتعلم؟ أم يكون مكتسبًا؟ أم هو صفة طبيعية في الإنسان؟ هذا الحديث آثار فضولي للبحث والقراءة المكثفة حول هذا المفهوم، واكتشاف كيف يتجلى في حياتنا اليومية، سواء داخل الأسرة، أو في المجتمع، أو حتى في بيئة العمل؛ حيث يُطبَّق بأشكال متنوعة تتلاءم مع السياق الذي يندرج فيه.ووفقًا لتعريف إدوارد ثورنديكي فإنَّ الذكاء الاجتماعي يندرج تحت مفهوم القدرة على فهم الآخرين والتفاعل معهم بشكل فعّال، سواء كانوا رجالًا، نساءً، أو أطفالًا. كما يعتبر مهارة في التعامل مع العلاقات الإنسانية بحكمة وتميز، فضلاً عن القدرة على بناء تفاهم وتآلف جيد مع الآخرين والفوز بدعمهم. أما في بيئة العمل، فيُعتبر عاملاً مؤثرًا بشكل كبير في نجاح الفرق والتعاون الإيجابي بين الأفراد.إضافة إلى ذلك يمكن تصنيفه على أنَّه القدرة على تفهم المشاعر والمواقف الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين بفعالية، وهو أحد أنواع الذكاء المُتعددة المعترف بها، حيث يُظهر الأشخاص الذين يتمتعون بارتفاع درجات الذكاء الاجتماعي مهارات في التعامل مع الناس وفهم دوافعهم واحتياجاتهم العاطفية والاجتماعية، كما تشمل هذه المهارات القدرة على التواصل الفعال، وحل الصراعات، وبناء العلاقات القوية والمثمرة.الأبحاث تشير إلى أنه يمكن تطويره وتعزيزه من خلال التدريب والتجارب الاجتماعية، وتعد القدرة على فهم وتقبل الآخرين وبناء العلاقات الصحيحة أمورًا أساسية للتطور الشخصي والنجاح في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والمهنية.وبالاستناد إلى ما قرأت حول هذا الموضوع، يظهر لي أن الذكاء الاجتماعي ينمو بشكل طبيعي مع بعض الأطفال، حيث يتمتع بعضهم بقدرة طبيعية على كسب تعاطف الآخرين وعلى استجابة العائلة لرغباتهم واحتياجاتهم، ورغم أنَّ الارتباط الوراثي بالذكاء يكون ضعيفًا لدى الأطفال، إلا أنه يصبح أكثر قوة مع نموهم وتطورهم ليصل إلى مستوى متقارب حوالي سن 18-20 عامًا، ويظل ثابتًا على هذا المستوى حتى فترة البلوغ.كما يُمكن اكتساب الذكاء الاجتماعي في مختلف سياقات الحياة، سواء من خلال التفاعل في المجتمع أو داخل بيئة العمل، ويمكن للفرد تطوير هذا النوع من الذكاء من خلال التوجيه والتفاعل مع الآخرين، مما يساهم في تعزيز مهارات التواصل وبناء علاقات متينة تتسم بالمحبة والالتزام.إنَّ صفات الذكاء الاجتماعي تتضمن القدرة على التعاطف مع الآخرين واحترام وجهات نظرهم، حتى وإن اختلفت عن الخاصة بالشخص. كما يشمل أيضًا تعلم الاحترام منذ الصغر على يد الوالدين ليكونوا قدوة جيدة، والقدرة على تغيير السلوك ومواجهة المواقف الاجتماعية بشكل ملائم، وأيضًا القدرة على التأثير في الآخرين والتفاعل معهم بلا توتر أو قلق.يحضرني في هذا المقام صديقي العزيز الذي يمتلك ذكاءً اجتماعيًا مُلهمًا، فقد تمكّن بفضله من جمع الإخوة في تجمعات عديدة، مما أدى إلى توطيد العلاقات وتعزيز التواصل بينهم، كما يتميز هذا الصديق بموهبة شعرية فريدة وإلقاء جذاب، ما جعله محط أنظار الحضور في أي مناسبة يشارك فيها، وأكاد أجزم إنه سبب رئيسي في قبول الكثير من الزملاء في حضور تلك الأمسيات والتجمعات الأخوية، فهو يضفي عليها روح الإحساس والاستمتاع بما تبوح به خاطرته الشعرية، كل ذلك بالتأكيد نابع عن ما يتمتع به من ذكاء اجتماعي عاطفي ساحر أدى إلى اجتماع الكثير من الإخوة على محبته والاستمتاع بالجلوس معه.لنغوص أعمق في هذا الموضوع ونكتشف كيف يُظهر هذا النوع من الذكاء في حياتنا اليومية، وكيف يمكننا تنميته وتطويره للنجاح في مختلف جوانب حياتنا.