
إن الدول تبنى بسواعد أبنائها، وتغدوا عالية خفاقة بهمم رجالها، وتحقق الطموحات والآمال بعزم شبابها، فحري بنا أن يكون اهتمامنا بخلق جيل المستقبل على غرار الأهداف والطموحات المنشودة، وليس على غرار الواقع المعاش، فكما يقول الإمام علي كرم الله وجهه:(ربوا أبنائكم على غير خصالكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم).فاستشراف المستقبل، والنظر إليه بعين المتفحص المتدبر، وقياس الماضي على الحاضر، والحاضر على المستقبل، يساعدنا بشكل جلي في إعداد جيل قادر على التعاطي مع تحدياته، والوقوف بثبات في وجه عقباته وتقلباته.
وذلك يعيدنا للحديث عن رؤية عمان (٢٠٤٠) والتي رسمت فيها أهداف عاليه، ونتائج ساميه، ورؤى شافيه، وبقي أن نكون مدركين بقوة أن تحقيق تلك الرؤية يحتاج إلى ذلك الإستثمار البشري الفعال، الإستثمار في العقول التي ستدير دفة التغيير، وستحرك الماء الراكد إن صح لنا التعبير.وأساليب الإستثمار في الرأسمال البشري واضحه، وجليه، ولا تخفى على ذي لب، فمن البيت يبدأ التغيير، بالتربية العصريه، والحوارات الفكرية، والنقاشات المثرية. ثم دور المدرسة وعلى رأسها وزارة التربية الموقره، بتطعيم المناهج بما يواكب تلك الرؤى المستقبليه، ودعم المدارس والمدرسين بالأساليب التعليمية الجليه، والإدارة الإلكترونيه.فمراحل الإستثمار طويله، ولكن ما بني على أساس سليم سيؤتي اكله خيرا، وسيتحمل أعباء وتقلبات المستقبل. إن إرادة التغيير، والاستثمار في المدى الطويل، وإن كان يحتاج إلى صبر وجهد كبير، إلا أن نتائجه تستمر على مدى أطول، وثماره تمتد لعقود من الزمان، فبناء الإنسان أعقد وأصعب من بناء وتشييد العمران ،ولكن متى ما احسن ذلك البناء الانساني، واستثمر فيه بالشكل الصحيح، واعطي حقه الكافي من التربية والأفكار والمبادئ، فإنه سيكون رافدا لا ينضب للدولة في شتى ميادين التطور والرقي.حفظ الله عمان، وحفظ قائدها هيثم السلطان