مقال/ جلنار زهرة قُطِفت من زهور ولاية صحم ✍️ بقلم/منى بنت حمد البلوشية.

اخبار الولاية
ما زال الموت يقطف زهرة بعد أخرى من زهور ولاية صحم؛ وما برح جرح يشفى حتى أتى جرح آخر وها هي زهرة أخرى قُطِفت وأوجعت القلوب ونزفت من جرحها الألم والآهات بلا رحمة.لا تأبى الأحزان أن ترحل إلا وتتجدد، وبرحيل جلنار التي رحلت تاركة خلفها أثراً عظيماً وجرحاً لا يندمل ولن يبرأ لسنوات. أيا حزناً متى سترحل أنت أيضا؟! هل نويت على الأحباب أم نويت على الأرض كلها؟!أخذت جلنار وأحزنت القريب والبعيد وأبكيتهم مذ أن سكنت ذلك السرير الأبيض والتحفت لحاف المرض والحزن، كان الشفاء أملاً ننتظره صباحاً ومساء وكنا نردد :لعل القدر يكتب لها أجلا وحياة جديدة بعد طول انتظار.جلنار تلك الفتاة في مقتبل عمر الزهور رحلت روحها الطاهرة عائدة لربها بعدما عانت من كورونا الذي اجتاح حياتها وسكن جسدها بلا رحمة ولا هواده وبلا لطف ولين ، والذي لم يتركها تعيش كغيرها من الأرواح، كنا نرجو عفواً من الكريم العظيم بالعودة لها وللعيش بين أسرتها وأحباب ينتظرون شفاءها؛ ولكن قضاؤه وقدره كان هو العفو لها،فصبراً وسلواناً وسلاماً على قلبيّ والديها.اعذريني يا جلنار إن جعلتكِ بين كتاباتي وآهاتي؛ فمنذ ان وصلني نبأ وفاتكِ سكن الصمت جوارحي، وزاد صمتي فوق الصمت صمتاً، ولم أجد عزاء ومواساة سوى رسالتي لكِ. هناك من بكاكِ سراً، وآخر من بكاكِ جهراً، وما أصعب من بكاكِ بقلبه بلا صوت سوى نبضاته تنزف ألماً، حيث تراءت أمام ناظريّ والدتكِ، فكيف لي بأن أحتضنها، وكورونا مازال يُبعدنا عن الأحضان؛ وهل سأستطيع أن أنطق كلمات العزاء والمواساة لها، وأنا التي اعتدت أن أرى ابتسامتها تعلو محياها، فصبراً للقلوب المجروحة وصبرا لعينيّ والديكِ يا حبيبتي، وصبرا لكل من فقد حبيباً وعانى الفقد المُر في ساعات الفرج التي ينتظرها.جلنار يا زهرة تفتحت لترى الحياة الجميلة، سترينها بإذن الله في الفردوس الأعلى التي ذهبتِ لها وستحكين بعدها لمن سيتبعكِ في البرزخ الخضراء مُلتقى الأرواح ، فالموت أصبح مخيفاً ولا نعلم لمن سيكون الدور بعدها، ستحكين لهم كيف تعيشين حياتكِ مبتسمة سعيدة هناك، رغم كل الشوق والحنين الذي ستتركينه وتركته في القلوب.طاب مقامكِ، وجعلكِ الله من الضاحكين المستبشرين الغارسين من ثمار جنته، ومن الشاربين من حوض نبيه الكريم والمحظوظين بشفاعته، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون وإنّا على فراقكِ لمحزونون..