#مقال (حقيقة الأزمات)بقلم/ خميس بن محسن بن سالم البادي

اخبار الولاية
بعض الدول التي تدّعي التقدم و التطوّر و تُعِد نفسها من الدول الصناعية الكبرى وتتشدق ما تعاقب المكوّران بالديمقراطية و الحرية و رفاهية الإنسان و حقوقه و هو على أراضيها سواء بالمواطَنة أو الإقامة، نرى أن هذه الدول و من خلال الحقائق التي تكشفها لنا الوقائع عبر مختلف المنابر و شهود الأعيان، ما هي إلا كمن ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول(الشيفة شيفة و المعاني ضعيفة)، حيث لم ينعم مواطن تلك الدول بالصحة إلا بالطرق التأمينية أو الدفع المباشر، هذا ما يخص المواطن فكيف بالمقيم؟، و ما عدا ذلك فلتذهب صحة البشر بحريتها و ديمقراطيتها وحقوقها إلى نار جهنم، هذا رغم القوّة الاقتصادية و الفوائض المالية لديهم، كما و افتُقِد النظام العام و عمت الفوضى ميادينهم و طرقهم عند هذه الجائحة (كورونا)التي عمت أوطانهم و أغلب أقطار العالم، و قد خلت أرفف متاجرهم من المواد الغذائية نتيجة طريقة التعايش الذي هم عليه حتى صار البشر لا أقول (يتقاتلون) و لكنهم يتشاجرون لفوز أحدهم بآخر سلعة ما تزال تقبع على رفها في المتجر، بل ربما قرصن الساسة و صنّاع القرار بعضهم على بعض للفوز بحفنة من ألثمة الأفواه والأقنعة الطبية، و مع فرض حظر التجوّل في عدداً من هذه الدول و عدم التزام البعض به، فقد كان القمع باستخدام الهراوات هو المانع من عدم الاقدام على مخالفته، بل أدى الحال بالبعض من أصحاب القرار إلى الإيعاز للمعنيين لديهم بعدم استقبال رعاياهم من دول المهجر،، إذاً ماذا عن المواطن العماني في بلده سلطنة عُمان. يقال أن الأزمات تصنع المعجزات،،و إذا كانت هذه المقولة لا تمت للدين الحنيف بصلة و ما شرعه الله سبحانه و تعالى و سنّه نبيّنا المصطفى صلى الله عليه و سلّم و أحسبها كذلك، إذاً فإني أختلف شخصياً معها كلياً أياً كان مصدرها أو قائلها و هو مجتهداً اجتهاداً شخصياً لقولها، و اختلافي هذا ليس لسبب عام بل لأن بلدي هي سلطنة عُمان، و لست هنا بمناسبة كيل المديح لأننا دائماً و أبداً لا نزكّي على الله أحدا، و لكن هي شهادة حق باقتناع شخصي مني يحق لي قولها افتخاراً و اعتزازاً ببلادي و نهج سلطانها المعظم، و لذلك قد تكون بعض الأزمات دروس مستفادة و لكنها ليست صانعة للمعجزات طالما العقل البشري سليم و يعمل كما خلقه الله تعالى و كيفما أراده أن يكون لأن الإنسان عموماً و العماني هنا على وجه الخصوص، و الذي من غير أزمات هو في الأساس صانعاً للمعجزات منذ أن سطّر التاريخ وجوده كعماني على هذه الأرض الطيّبة، فهو يصنع و ينتج و بإبداع ملفت و بشهادة الأسلاف و المؤرخين الأوائل و الحضارة العريقة الثابتة و المنتمية بعمق لهذا البلد العزيز خير شاهدٍ على ذلك، و ما نعرفه أن المواطن العماني منتمياً لوطنه و أرضه و بقوّة إذا ما استثنينا فقط فئات قليلة جداً قد حادت عن جادة الصواب و الدرب القويم و النهج السليم، لأمورٍ خاصةٌ بها في النفس و الفكر و التوجه-هدانا الله و إياهم-.و اليوم و نحن نعيش أزمة فايروس كورونا نجد أن القائم على أمر السلطنة الغالية وليّ الأمر، جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله و رعاه-، لم ينظر إلى ما ستخلّفه هذه الأزمة من الخسائر على اقتصاد الدولة و خزانتها المالية، إدراكاً من جلالته- أبقاه الله- بأن سلامة و صحة الإنسان العماني و حتى المقيم على أرض السلطنة هما كنز العطاء و الإعمار و التعويض عما قد نخسره اليوم جراء هذه الأزمة العابرة بإذن الله تعالى، و بذلك تعطلت مفاصل الدولة العامة و الخاصة تعطّل شبه تام تحقيقاً لمصلحة السلامة العامة النفس البشرية، ولهذا رأينا أن الحكومة سعت جاهدةً تنفيذاً للأوامر السامية فاتخذت في شأن ذلك عدداً من الإجراءات التي منها:-*عزل السلطنة عن المحيط الخارجي من خلال إقفال المنافذ المختلفة مع تقنين الدخول إليها و لظروف و استثناءات معيّنة و بإجراءات صحية احترازية خاصة، باستثناء العمانيين العائدين من الخارج الذين شجعت الحكومة على عودتهم و وجهت دعوتها لهم عبر السفارات إن هم كانوا من الراغبين بالعودة.*إجلاء العمانيين من الخارج و عزلهم في مقار إيواء فارهة مع الخدمات و توفير الوجبات، و ذلك حتى يتبيّن خيطهم السليم من السقيم.*إجراء الكشف بالمشتبه بإصابتهم بالفايروس و تقديم الرعاية الطبية و الصحية لكافة المصابين به و بالمجّان، رغم الكلفة العالية لكل مريض في الرعاية المركّزة في اليوم الواحد كما بيّن ذلك معالي الدكتور وزير الصحة. *تسخير قطاعات الدولة المختلفة لتوفير المواد الغذائية و المستلزمات الضرورية بكل ولايات السلطنة و بذل جهود جبارة نحو تحقيق و ديمومة هذا الهدف و على مدار اليوم و الليلة.*مراعاة عدم إغلاق بعض محلات الخدمة التي قد يعطل إغلاقها مصلحة المواطن.*رغم حجم المشكلة و الضرر المحدق لم يكن التوجيه السامي من ضمنه فرض حظر تجوّل و إن حدث فهو توجيهياً فقط بالحث على ضرورة الالتزام بالبقاء في المنازل.*رغم إقامة نقاط للتحكم و السيطرة بين المحافظات إلا أنه تم مراعاة تنقل المواطنين بين كافة محافظات السلطنة باستثناء بعضها و هذا لا شك أنه للمصلحة العامة التي ننشدها و نسعى إليها جميعاً.لقد شددت الحكومة من الإجراءات للحد من تفشي المرض و لكن و في الوقت عينه بالحكمة المعهودة أيضاً، حيث تم مراعاة سلاسة التعامل مع الحدث و بحذر، كي لا يشعر المواطن أنه تحت الرقابة الأمنية و الطائلة القانونية سيما إذا ما التزم بالتعليمات و القرارات الصادرة و التي تهدف إلى عدم انتشار الفايروس، و ما نراه من التزام بهذه الإجراءات من قبل الجميع ما هو إلا حساً وطنياً مترسخاً لدى المواطن العماني ينم عن حب و إخلاص لهذا الوطن المعطاء و متجذر فيه حتى الأعماق. إذاً و لله الحمد و المنّة و الثناء، فقد تعامل الإنسان العماني مع هذا الظرف الاستثنائي كغيره من الظروف المماثلة التي سبقت هذه الجائحة من قبل، و ذلك بطرق احترافية و حضارية و ما يزال هذا التعامل قائماً بذات النهج حتى انكشاف هذه الغمة في القريب العاجل بإذن الله تعالى، وكان لوعي المواطن و إحساسه بالمسؤولية الوطنية و المجتمعية الدور الأبرز في التقليل من انتشار الوباء مقارنةً بما هو في بعض البلدان، و بذلك فإن العقل البشري و التعاون التام بين الحكومة و المواطن و الإحساس بالمسؤولية المشتركة أسباب مجتمعة هي التي تصنع المعجزات أمام كل أمر طارئ أو حتى اعتيادي، و إننا و نحن في هذه السلطنة المباركة في خير و نعمة و سلام و أمان، و لا يمكن مقارنة ذلك بأي حال مع ما جاء في صدر هذا المقال مما يلاقيه مواطن تلك الدول، فهنيئاً لنا سلطنة عُمان الأبية و قائدها المفدى- حفظه الله و رعاه-، وهنيئةً بلادنا عُمان بنا، و حفظنا الله جميعاً و بلادنا من كل شر و مكروه،، و حفظ الله جل جلاله المسلمين جميعاً و أقطارهم و متعهم بالخير و السلام.