#مقال|ثمَّة مكالمة لم تصل ✍️منى بنت حمد البلوشية

اخبار الولاية
ما أصعب ذلك الفراق الُمحتّم على كلِّ روح تسكن هذه الأرض، وما أقساه من حنين وشوق يلتهب الفؤاد ويسكنها، الحياة تمضي ونحن ماضون معها، فكم من أحزان تسكننا وبأفراحنا وسعادتنا تزورنا، ليس لأننا أحببنا الحزن، ولكن هُناك من كان بيننا يحضر سعادتنا ويشاركنا بها، رغم أننا مُوقنون بأنَّ قضاء الله تعالى وقدره فوق كل شيء، والإيمان به حق على كل مؤمن مسلم حَباه الله تعالى هذا الدين القويم.ففي لحظات تعترينا نشعر بأننا نشتاق ونحِنُّ لتلك الأرواح التي صعدت إلى خالقها وبارئها، ونقول بأنفسنا: ليتها ظلت معنا لتشاركنا أفراحنا التي كانت تسعد معنا بها، فضحكاتهم لا تُنسى، فقد كانت وما زالت بأروحنا عالقة.كلما حقَّقنا شيئا من الإنجازات الصغيرة أم الكبيرة أسرعنا لهواتفنا، لنبلغ أحبابنا الذين يشاركوننا بها، ولكن ثمة مكالمة لا تصل وحين ترد علينا تقول: “عفوا الرقم الذي طلبته موقوف بصفة مؤقتة” أو “الرقم الذي طلبته خارج التغطية”، وقد كانت تلك المحادثات بمثابة جرعات من السعادة عندما كانوا بقربنا.هنا.. أحيانا نشعر وكأننا قد فارقتنا بعضٌ من حواسنا، نعم نفقد بعضًا منها ونحن في خضّم سعادتنا وأحزاننا، تُفقدنا طعم السعادة ونحن نتجوَّل بين آخر محادثة وآخر مكالمة كانت بيننا، نتذكَّر بها تلك اللحظات السعيدة والمضحكة، ونضحك وكأنهم ما زالوا أمامنا وبين لحظات تبكينا، ونقول: ليتهم ما زالوا بيننا، فما زالت أشياء كثيرة لم تصلهم بعد، ولم نُخبرهم بها.أشياء كثيرة تفتقدهم، نفتقد أصواتهم التي كانت بيننا، نفتقد روائح بخور العود التي كانوا يبثونها في أرجاء البيت، وأنوار المساجد وصلواتهم ونفحات حروف القرآن الكريم ومصاحفهم وأشياء كثيرة تفتقدهم، كل شيء يفتقدهم أماكنهم كذلك تفتقدهم، وكأنها تُناديهم أين أنتم أين ذهبتم وتركتمونا نبحث عنكم.هكذا هي أجمل اللحظات دائما ترحل ولا تبقى، ونظل نحن نُلملم أحزاننا التي اكتست بها أرواحنا، مُحاولين أن لا نُظهر ما بنا من أشواق وحنين وبدواخلنا أنّات وأشواق وأحاديث كثيرة لم تصلهم بعد ونودّ أن نوصلها لهم.ستظلون في قلوبنا دائما، وتلهج ألسنتنا لكم بالدعوات يا من أسعدتمونا، وآثرتم العيش بمكان اختاره الله تعالى لكم، وبحياة البرزخ الخضراء وأنتم مُنعمَّون بها، لا حزن ولا هم يعتريكم، ونرجو أن تصلكم دعواتنا لأنها مَلجأنا الوحيد للوصول لكم وللحديث معكم ، وسنظل نرسل رسائلنا لكم ونحادثكم بها لعلها تصلكم، ونسأل الله لكم الرحمة والمغفرة والحياة الهانئة، فأنتم في القلب دوما فمحادثاتنا معكم لن تكون مغلقة ولن تكون خارج التغطية..