مقال/ الصحة النفسية وأثرها على الفرد✍️ بقلم/ منى بنت حمد البلوشية

اخبار الولاية

ما أحوجنا في هذا العالم المتغير، لأن نصبح أكثر إتزانًا ونتمتع بصحة نفسية بعدما أصبحت الهشاشة النفسية تواجه ذواتنا ومجتمعاتنا، ونحن تحت وقع ما يحدث في هذا العالم الواسع من حروب واحتلال وفقد وظلم وصدمات وأزمات لا حصر لها.جميعنا واجه وما زال يواجه صعوبات وصدمات نفسية قد تكون قاسية وتؤثر في عمق الذات.في خضّم هذه التجارب قد يبدو من الصعب العثور على نقطة مُضيئة، ولكن خلال مواجهة هذه الصدمات بوعي والبحث عن مسماها، يُمكننا أن نكتشف قوتنا الحقيقية، وإن إدراك المعنى في التحديات يجعلنا نجد مفتاحًا للشفاء والنمو. فإن الصدمات توفر لنا فرصًا للتأمل وإعادة بناء الذات، إذ يمكن أن تكون بداية لفهم أعمق لمقوماتنا الداخلية وقدرتنا على التحمل. وعندما نواجه الألم الذي يُداهمنا من الضروري أن ندرك أن البحث عن جذور الصدمات لا يعني محاولة اقتلاعها من الجذور، بل يعني فهمها ومعالجتها بطرقٍ تؤدي إلى شفاء شامل ونمو حقيقيّ، فلا بد من تغيير الأنماط الفكرية الداخلية بوعي وأن قبول الذات وتغيير النظرة الذاتية يمكن من أن تؤدي إلى تحول جذري في الصحة النفسية والعافية.علينا أن ندرك بأن العافية النفسية هي واحدة من أثمن الكنوز التي يمكن للإنسان أن يمتلكها، فمن المهم جدًا أن نعتني بالجانب الروحي الذي يلعب دورًا محوريًا وأساسيًا في حياتنا؛ فالعلاقة بين الروح والنفس تحتاج للنمو الروحي الذي يُعزز الشعور بالسلام الداخلي، فالمحافظة على الصلوات الخمس وقراءة القرآن الكريم تجلب الطمأنينة للروح البشرية المتعبة التي أنهكتها الأحداث، والتقرب من الله عزوجل بالعبادة والدعاء والذكر تعتبر من أقوى الأدوية الفعّالة التي تقوي الإنسان وتعزز بذاته العافية النفسية، فمجرد الشعور بالقرب الإلهي تجد الروح وكأنها تسبح في هذا العالم الواسع ويملؤها الشعور بالطمأنينة والراحة النفسية دون أن يعلم مصدرها وهو بمعية العظيم والقرب منه.فعندما نتعمق في فهم التغيير وفهم مشاعرنا وأفكارنا، وأن كل ما يحدث من تحديات وصعاب وصدامات وفقدٍ وحرمان وظلم وخذلان وغيرها، تجعلنا نقف أمام أنفسنا وذواتنا بكل ثقة وقوة بأننا قادرين على تحويل المِحن إلى فرص للنمو والارتقاء والسمو ويفتح لنا أبوابًا جديدة للخير والحب والبركة والسلام، ويمنحنا القدرة على التخطي والمضي قُدمًا للعيش بكل طمأنينة وسلام.فكل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للصحة النفسية ونحن كل يوم نتعافى لنسمو ونرتفع بذواتنا؛ لتكون أرقى وأسمى لأنها الروح التي خلقها الله تعالى لترتفع وتحقق ما ترجو وتسمو له، فعلينا أن ندرك بأنها روح مكرمة تحتاج لأن يُعتنى بها وألا تُهمل. وتكمن صحتها في الكثير من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”فمهما صادفتك من المتاعب فقل: ” لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا”اطمئنان عظيم وراحة نفسية تجدها بين يديك وإيّاك أن تهملها وعليك أن تطلب الدعم إن احتجت لها فهناك من يقف بقربك ويرجو لك حياة متزنة وسليمة مليئة بالأمن والأمان والسلام.فصحتك الجسدية متصلة بصحتك النفسية فما يخدث في النفس يظهر على الجسد، وبعض الآلام صرخة تنبيه لإنقاذ النفس لتسمو وترتقي.