تُعد حادثة الإسراء والمعراج من الأحداث العظيمة التي حدثت في منتصف الدعوة الإسلامية،وهي من أكبر المُعجزات الحسيّة للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام،والتي فُرضت فيها الصلوات الخمس..الإسراء هي رحلة أرضية، وانتقال عجيب، وغير مألوف لدى البشر تم بُقدرة الله تعالى،حيث نُقل الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بسرعة تجاوزت الخيال ،قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)أما المعراج فهي رحلة سماوية، وارتفاع، وارتقاء من الأرض إلى السموات العُلا حيث سدرة المنتهى، ثم الرجوع بعدها إلى المسجد الحرام، قال تعالى: (وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى*عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) وحدثت هاتان الرحلتان في الليلة ذاتها. حيث أنه توالت على رسول الله قبيل حادثة الإسراء والمعراج الحوادث والأزمات الكثيرة، فإلى جانب ما كان يلاقيه من عنتٍ وعذاب الكفار له وتصديهم لدعوته وإنزال الأذى والضرر به وبمن تبعوه، فَقَد نصيرًا وظهيرًا له هو عمه أبو طالب، وكذلك فَقَد شريكة حياته وحامية ظهره السيدة خديجة التي كانت له السند والعون على تحمُّل الصعاب والمشقات في سبيل تبليغ دعوته السامية، فكلاهما مات قبيل حادثة الإسراء والمعراج؛ ولذا سمي هذا العام “عام الحزن”. ومن هنا كان إنعام الله على عبده ورسوله محمد بهذه المعجزة العظيمة؛ تطييبًا لخاطره وتسرية ومؤانسة له عن ما ألمَّ به من أحزان وآلام..فمعجزة الإسراء والمعراج فيها مشاهد عظيمة وآيات باهرات نتعلم منها الدروس والعِبر كالثبات على الحق والتزام المبدأ (وهذا يتضح من المشهد الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم لماشطة ابنة فرعون)،وأهمية الصلاة وأنها الفريضة الوحيدة التي فُرضت ليلة الإسراء والمعراج في السماء السابعة وبدون أي واسطة،وكذلك الصداقة الحقيقية التي هي مواقف ومبادئ (فحينما عاد عليه الصلاة والسلام من رحلته وقص على قريش ما حدث انطلق نفرٌ منهم إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر) ومنها العِبر والدورس والرسائل أن للمسجد الأقصى مكانته العظيمة وله قدسيّته الكبيرة لدى المسلمين،فهو يعتبر قبلة الأنبياء جميعا قبل النبي محمد عليه الصلاة والسلام وهي القبلة الأولى التي صلى بها النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يتم تغييرها إلى مكة.إنً حادثة الإسراء والمعراج جاءت لتؤنس الرسول عليه الصلاة والسلام وتخفف عليه من الأحزان والمشاق التي توالت عليه،ولتخرج كل المحن التي عانى منها إلى مِنح،وأن المِنح تولد من رحم المحن وما بعد العسر إلا يُسر..فثقوا بأن الله سيزيل كل هم علا على قلب كل مهموم ،وأن ما يحدث هو رسائل لقلوبنا لنا نحن البشر ،بأن كل التحديات والأحزان ستذهب بقدرة الله عزوجل وحسن الظن به،وأن هناك شيئا ما سيؤنس قلبك ويُنسيك مرارة الألم والفقد والحزن،وأن كل أمنياتك عانقت السماء وستأتي كعبق الزهور لقلبك ليمسح عليك بلطف من عناء ما كابدت،وثق بأن الأقدار بيد الله عزوجل ولتطمئن قلوبكم بأن خلف كل المِحن تُخلق المنِح..وقدوتنا خير البشر فصلوا عليه وسلموا تسليما..