#مقال/الفقد الذي لا يُنسى ✍️بقلم/منى بنت حمد البلوشية

اخبار الولاية

ليلة العاشر من يناير تلك الليلة الحالكة السواد لم تكن كباقي الليالي، سادّ بها الحزن والأسى؛ وبكت السماء بكاءاً مُراً وكأنها تنتحب منذ أن سمعت بذلك النبأ الذي هزّ أرجاء الوطن في تمام الساعة الرابعة فجر ذلك اليوم الذي ارتعشت فيه القلوب وجُرحت جرحاً لا يندمل ولن يلتئم والذي جاء بهذه الكلمات ”بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وببالغ الحزن والأسى، ممزوجين بالرضا التام والتسليم المطلق لأمر الله، ينعى ديوان البلاط السلطاني – المغفور له بإذن الله تعالى- مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم إذ يُعلن ديوان البلاط السلطاني الحداد وتعطيل العمل الرسمي… ” لم يكن كباقي الأخبار التي نستقبلها لحبيب سكن القلوب وأبكى الصغير قبل الكبير..لم تكن تلك الليلة كتلك التي سبقتها؛ حيث غاب القمر وبهت توهجه وتلبدت السماء بالغيوم وانهمرت باكية لأيامٍ وكأنها تودع حبيباً، وتغسل تربته وترويها بالدعاء لينبت الزهر ليحيط به..كم أتذكر تلك الأيام والقلوب وجلة؛ وكأنها تنتظر عائدا طال غيابه، ويحيط الرجال والنساء وأطفال الوطن بذلك السور الذي به قبره -طيب الله ثراه – وكأنهم يترقبون قدومه وهم يبللون تربته بأكفهم له بالدعوات.أتذكرُ بكاء الأمهات وسؤال الصغير قائلا حينها متعجباً:”لماذا تبكون؟؟” فلا يكاد أحد منا لا يتذكر كيف كانت أفئدتنا يسكنها الحزن وقبل وصول وتسرب خبر وفاته وكان الجميع يتساءل لماذا تم استدعاء البعض؛ وكيف شعرتْ تلك الأرواح بأن هناك خطب ما قادم؟!آآآآآآه وتنهيداتنا التي لم تخفت منذ ذلك اليوم الذي رحل فيه؛ فأخبروا قلوبكم أيها الأعزاء بأنها على العهد باقية وتدثره بالدعاء..وها هي ذكرى السنة الثالثة تُذكرنا بكل ما مررنا به في تلك الليلة وكأن الذي حدث لم يكن أحداث ليلة واحدة وكأنها دهراً من الزمن، غير أنه ترك وصية واضحة لنا حتى لا يتركنا بلا أب قائلا:” وذلك لما توسمنا فيه من صفات وقدرات تؤهله لحمل هذه الأمانه…” إنها الوصية التي شهد لها العالم قبل أبناء الوطن لاختيار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله وأبقاه- والذي يُكمل مسيرة أعز الرجال وأنقاهم،لنجدد له العهد والبيعة والولاء ،فهو وصية حبيب ومعه سنمضي قُدماً لرفع راية هذا الوطن..رحمك الله وغفر لك يا باني عمان؛ستظل روحك خالدة مُحلقة في مخيلتنا وأرواحنا؛ فلروحك السلام وطبت في أعالي الجِنان مسروراً مستبشراً، ومن الضاحكين والمسبشرين الغارسين من ثمار جنته والشاربين من حوض نبيه والمحظوظين بشفاعته.. وطابت تربتك التي نحتضنها بالدعاء منذ رحيلك لهذا اليوم..فلروحك السلام ليوم يبعثون، وإنا لله وإنا إليه راجعون،فذكرى الساعة الرابعة لا تبرح أن تزول ولن تمحى من عقولنا وقلوبنا، نم قرير العين فأبناؤك بأيادي أمينة..