مقال/هنا العيد باختصار. ✍️بقلم/ منى بنت حمد البلوشية.

اخبار الولاية

.
كل عام وأنتم بخير، نعم أعلم بأنها أتت متأخرة وهذا ما أردتُ فعله لتبقى في أذهاننا جميعا، ليس لشيء بل لأن أعيادنا هي التي تبقى في أرواحنا هي السعادات التي نخلقها لنُحلق بها في سماء حياتنا والمحيطين بنا.
“وإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَا” نِعم الله علينا كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى ولن نفي حصرها ظاهرة وباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات التي نعيشها.. العيد هنا جاء استشعارا لنعمٍ أنعمها علينا الله عزوجل؛ لنعلم كم نحن غارقون فيها، وغافلون عن بعضها..
ابتعدتُ كثيرا عن كل ما قد يُلهيني عن استشعار النِعم المحيطة بي وهذا ما لاحظه عليّ الكثيرون وجاءتني الرسائل عن سبب اختفائي وصمتي هذا الذي خلقته خلال فترة أيام العيد،ابتعدتُ عما يلهيني عن نعمة وجود العائلة، النِعمة التي لا تعوض نعمة الوالدين ووجودهما في الحياة وضحكاتهما التي لا تعوضها كنوز العالم.
العيد يأتي لتتجدد حياة المرء به؛ ليجد ذاته بين أحبته وبين ما افتقده، ليعوض كل شعور انتابه، وكل فقد ألمَّ به رغم أنه استشعره الكثيرون بثقله لعدم وجود أحبة بينهم افتقدهم ورحلت أرواحهم لخالقها، ومنهم من فقد أعز أحبابه وأبنائه في أيام العيد. الفقد مؤلم وما يؤلم كيف يذوق المرء فرحة العيد وهو بين ألم الفراق والحنين والشوق. وكم شعرتُ بحزني، عندما شاهدتُ تلك الفتاة واضعة صورة والدتها الفقيدة خلف هاتفها وكأنها ما زالت بين أحضانها ولحظتها أخذتُ أنفاسي بزفيرها وشهيقها وعدتُ لحديثي معها بعد أن استرقتُ النظر لعينيها وكأنها شاهدتني عندما وقعت عيناي عليها.
العيد دخل على بيوت أحبة وهم فوق الأسِّرة البيضاء لم يذوقوا طعم الفرح والسعادة وهم ينتظرون خروجهم ليكونوا بين عائلتهم ليهنؤا بالعيد معا، إلا أن العيد أتى ومازالوا يلتحفون بلحافهم الأبيض لعل فرحتهم تعم بالشفاء والعافية قريبا.
العيد استقبله البعض ولهم مبتعث خارج البلاد هناك ينظر بلهفة وشوق لمشاهدة ما تقوم به عائلته من مظاهر العيد الذي له شوق فيه لأن يكون حاضرا معهم.
وآخر من هو فارق الوطن من أجل الوطن بعد أن استودعناه بودائع الله الذي لا تضيع ودائعه وصببنا له من الدعوات صبا، لأن تصل بسلام لتؤدي واجب الوطن رغم أنه يرغب لأن يستشعر فرحة العيد وبلمة مع العائلة بعد كل انقطاع أحدثته تلك الأحداث التي مضت وقطعت سُبل التجمع التي اعتدنا عليها.
ومن المؤلم أن يطل العيد على بيت وبه من الكروب والهموم ما لا تطيق تحمله، وبيت فقد من يعيلهم وظيفته بلا ذنب له؛ فكم هو مؤلم كل الألم ألا تستشعر الحياة بفرحها وسعادتها وأنت تنعم بنعم الله عليك، فالنِعم التي نحن بها نِعم عظيمة علينا أن نستشعرها بحذافيرها وألا نترك لحظة من السعادة ترحل وتطير من بين أيدينا رغم كل ما أحاط أولئك الذين أثقلتهم الأحداث وأن نستشعر النِعم المحيطة بنا.
ربما كان عليّ أن أضع عنوانا آخر لمقالتي هذه وهي (باختصار) إلا أنني وجدتُ نفسي أضع لها (هنا العيد باختصار) وهو الذي اقصده كيف نستشعر نعمة العيد علينا.
نعم هذا ما جعلني أستشعر كل النِعم المحيطة بي والاختباء بداخلها وتمعنها؛ فالحمدلله حمدا طيبا مباركا لصغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها، ولكل نعمة هي بحجم التراب بين يدي، وكم أحمد الله الذي منَّ عليّ لأن أستشعر ما يحيط بي من النِعم قبل فواتها وأنا بغفلة منها..
باختصار :
استمتع بالعيد فهناك من هم لم يذوقوا طعم السعادة بكاملها وإن لم يكن لديك ما يعيق سعادتك دَفء عائلتك والمحيطين بك بها، ربما سيفوتك الكثير منها بعد ذلك ولن تستطيع اللحاق بها.. دمتم بسعادة وفرح وأعيادا عديدة مديدة تنعمون بها، وبهجة تُعانق أرواحكم وابتسامات تعلو محياكم.